هدوء عاصفة الصحراء...
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هدوء عاصفة الصحراء...
مادام أن هناك جولة ثانية من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، فهذا يعني أن كل طرف لم يُخرج بعد كل
أوراقه. وإذا كانت الجولة الأولى من المحادثات في نيويورك لم تسفر عن أي تقدم، واقتصرت على جلسات لتسجيل
المواقف، فإن الجولة الثانية وما بعدها ستحدد ما إذا كانت الأطراف جميعها تتوفر على الإرادة السياسية والمرونة
الدبلوماسية للوصول إلى حل أم لا. ولكي نقترب أكثر من صورة الجولة القادمة لنستعرض الخيارات المتاحة أمام كل
طرف غير الوصول إلى حل سياسي متفاوض حوله يراعي مطالب كلا الطرفين: لا غالب ولا مغلوب، بمعنى آخر كيف ستدير أطراف النزاع أزمة الصحراء إذا فشلت المفاوضات القائمة اليوم؟
المغرب الذي يبدو في هذه المرحلة أنه في موقع المبادرة من خلال المرونة التي أبداها خلال صياغة مشروع الحكم
الذاتي الموسع، لا يستطيع أن يتراجع إلى الوراء وأن يغلق كتاب التسوية السياسية ويرجع إلى مقولة المغرب في
صحرائه، فهو مطالب بضرورة المضي في اتجاه تطبيق مشروع الحكم الذاتي في الصحراء، والقبول بحقيقة الأخطاء
التي ارتكبت في العهد السابق، والاعتراف بأن للمنطقة خصوصيات يجب أن تراعى ضمن نظام «ديمقراطي»
بمواصفات عالمية بعيدا عن سياسة الديمقراطية الحسنية... أفضل حل إذن هو الاستمرار في الضغط بكل الوسائل على
الطرف الآخر من أجل الوصول إلى تسوية، وكلما استطاعت الرباط إشراك المجتمع الدولي في هذا الحل، كانت حظوظ الوصول إلى تسوية أمرا ممكنا.
جبهة البوليساريو تعرف أكثر من غيرها أن الرجوع إلى السلاح من أجل فرض الانفصال أمر مستحيل، لم تنجح فيه
الجبهة يوم كانت الجزائر وليبيا وكل المعسكر الاشتراكي خلفها، وكانت صورة معاركها آنذاك تتخذ شكل حركة
تحرر، أما اليوم، وقد ذابت ثلوج الحرب الباردة وتراجعت الجزائر عن أحلامها «البيسماركية»، التي كانت توهم
قادتها بأن قوتهم في ضعف جيرانهم... أما وقد انتهت حقبة بكاملها وخرجت الجارة الجزائر من حرب أهلية بجراح
غائرة، فالجبهة تعرف أن الدعم الجزائري لمطالبها ينطلق من الصراع التقليدي السياسي والسيكولوجي بين الجزائر
والمغرب، أكثر مما ينطلق من تصور استراتيجي متكامل لولادة دولة جديدة في الخصر المضطرب للمغرب العربي.
ولهذا لم يتردد بوتفليقة قبل أربع سنوات في اقتراح تقسيم الصحراء كحل ممكن لهذا النزاع...
ا
لرجوع إلى خيار الضم القسري غير ممكن بالنسبة للمغرب، والانفصال غير ممكن بالنسبة للبوليساريو، والحرب خيار
مستبعد في منطقة هشة أمنيا ومهددة باستيطان تنظيم القاعدة داخلها، والذي يبعث فرعه في المغرب الإسلامي بيانات
نارية على لسان عبد الودود من مكان ما في الجزائر. وهذا هو الدافع الأساسي اليوم لواشنطن من وراء رعاية
المفاوضات، حتى تتفرغ دول المغرب العربي لمحاربة القاعدة التي تراهن على توطيد نفوذها في جنوب الصحراء
ودول إفريقيا التي يعاني جلها من موجة عدم الاستقرار وتفكك الدولة... ماذا تبقى؟ الجلوس إلى طاولة الحوار في
جولة ثانية، وإعطاء الوقت للوقت، كما كان يقول ميتران، واستغلال فرصة هدوء العاصفة في صحراء متقلبة المزاج.
أوراقه. وإذا كانت الجولة الأولى من المحادثات في نيويورك لم تسفر عن أي تقدم، واقتصرت على جلسات لتسجيل
المواقف، فإن الجولة الثانية وما بعدها ستحدد ما إذا كانت الأطراف جميعها تتوفر على الإرادة السياسية والمرونة
الدبلوماسية للوصول إلى حل أم لا. ولكي نقترب أكثر من صورة الجولة القادمة لنستعرض الخيارات المتاحة أمام كل
طرف غير الوصول إلى حل سياسي متفاوض حوله يراعي مطالب كلا الطرفين: لا غالب ولا مغلوب، بمعنى آخر كيف ستدير أطراف النزاع أزمة الصحراء إذا فشلت المفاوضات القائمة اليوم؟
المغرب الذي يبدو في هذه المرحلة أنه في موقع المبادرة من خلال المرونة التي أبداها خلال صياغة مشروع الحكم
الذاتي الموسع، لا يستطيع أن يتراجع إلى الوراء وأن يغلق كتاب التسوية السياسية ويرجع إلى مقولة المغرب في
صحرائه، فهو مطالب بضرورة المضي في اتجاه تطبيق مشروع الحكم الذاتي في الصحراء، والقبول بحقيقة الأخطاء
التي ارتكبت في العهد السابق، والاعتراف بأن للمنطقة خصوصيات يجب أن تراعى ضمن نظام «ديمقراطي»
بمواصفات عالمية بعيدا عن سياسة الديمقراطية الحسنية... أفضل حل إذن هو الاستمرار في الضغط بكل الوسائل على
الطرف الآخر من أجل الوصول إلى تسوية، وكلما استطاعت الرباط إشراك المجتمع الدولي في هذا الحل، كانت حظوظ الوصول إلى تسوية أمرا ممكنا.
جبهة البوليساريو تعرف أكثر من غيرها أن الرجوع إلى السلاح من أجل فرض الانفصال أمر مستحيل، لم تنجح فيه
الجبهة يوم كانت الجزائر وليبيا وكل المعسكر الاشتراكي خلفها، وكانت صورة معاركها آنذاك تتخذ شكل حركة
تحرر، أما اليوم، وقد ذابت ثلوج الحرب الباردة وتراجعت الجزائر عن أحلامها «البيسماركية»، التي كانت توهم
قادتها بأن قوتهم في ضعف جيرانهم... أما وقد انتهت حقبة بكاملها وخرجت الجارة الجزائر من حرب أهلية بجراح
غائرة، فالجبهة تعرف أن الدعم الجزائري لمطالبها ينطلق من الصراع التقليدي السياسي والسيكولوجي بين الجزائر
والمغرب، أكثر مما ينطلق من تصور استراتيجي متكامل لولادة دولة جديدة في الخصر المضطرب للمغرب العربي.
ولهذا لم يتردد بوتفليقة قبل أربع سنوات في اقتراح تقسيم الصحراء كحل ممكن لهذا النزاع...
ا
لرجوع إلى خيار الضم القسري غير ممكن بالنسبة للمغرب، والانفصال غير ممكن بالنسبة للبوليساريو، والحرب خيار
مستبعد في منطقة هشة أمنيا ومهددة باستيطان تنظيم القاعدة داخلها، والذي يبعث فرعه في المغرب الإسلامي بيانات
نارية على لسان عبد الودود من مكان ما في الجزائر. وهذا هو الدافع الأساسي اليوم لواشنطن من وراء رعاية
المفاوضات، حتى تتفرغ دول المغرب العربي لمحاربة القاعدة التي تراهن على توطيد نفوذها في جنوب الصحراء
ودول إفريقيا التي يعاني جلها من موجة عدم الاستقرار وتفكك الدولة... ماذا تبقى؟ الجلوس إلى طاولة الحوار في
جولة ثانية، وإعطاء الوقت للوقت، كما كان يقول ميتران، واستغلال فرصة هدوء العاصفة في صحراء متقلبة المزاج.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى